تمثل الصدقة نمطًا من أنماط التكافل الاجتماعي التي ركزت عليها المنظومة الإسلامية لما لها من أثر إنساني كبير في إعانة الضعاف وتقوية الروابط بين أبناء المجتمع الواحد، وفي ذلك كثير من الآيات والأحاديث. قال تعالى في كتابه العزيز “أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ هُوَ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَأْخُذُ الصَّدَقَاتِ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ”، وقال عزّ من قائل: “إِن تُبْدُوا الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ وَإِن تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا الْفُقَرَاءَ فَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَيُكَفِّرُ عَنكُم مِّن سَيِّئَاتِكُمْ وَاللَّـهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ”، وقال سبحانه وتعالى أيضًا: “إِنَّ الْمُصَّدِّقِينَ وَالْمُصَّدِّقَاتِ وَأَقْرَضُوا اللَّـهَ قَرْضًا حَسَنًا يُضَاعَفُ لَهُمْ وَلَهُمْ أَجْرٌ كَرِيمٌ”. ووردت أحاديث كثيرة في فضل الصدقة عن أهل بيت النبوة (عليهم السلام) منها قول رسول الله (صلى الله عليه وآله): “إن الصدقة لتطفئ غضب الرب” كنز العمال : 16114، وقوله أيضًا “الصدقة تدفع البلاء، وهي أنجح دواء، وتدفع القضاء وقد أبرم إبرامًا، ولا يذهب بالأدواء إلا الدعاء والصدقة” البحار : 96 / 137 / 71، وقول أمير المؤمنين (عليه السلام): “إن أفضل ما توسل به المتوسلون إلى الله سبحانه وتعالى، الإيمان به وبرسوله… وصدقة السر فإنها تكفر الخطيئة، وصدقة العلانية فإنها تدفع ميتة السوء” نهج البلاغة : الخطبة 110، وقول الإمام الصادق (عليه السلام): ((إن صدقة الليل تطفئ غضب الرب، وتمحو الذنب العظيم، وتهون الحساب، وصدقة النهار تثمر المال، وتزيد في العمر” البحار : 96 / 125 / 39.
بدأت مؤسسة العين للرعاية الاجتماعية منذ عام 2010 بتصنيع صناديق خاصة للصدقات وسجلتها رسميًا في الجهاز المركزي للتقييس والسيطرة النوعية ببراءة اختراع خاصة بها. وتُصنَع هذه الصناديق بأحجام وأشكال مختلفة لتناسب الاحتياجات المتنوعة لمستخدمي هذه الصناديق، فمنها ما هو شخصي ومنزلي، ومنها ما يوضع في الأماكن العامة. وتُصرَف الأموال المجموعة فيها على كفالة اليتامى غير المشمولين بنظام الكفالة الخاصة وعلى تقديم الخدمات المتنوعة الأخرى لهم من مواد عينية ورعاية صحية وتأهيل وإرشاد وتدريب مهني وتعليم.
من الامتيازات الحصرية لصناديق مؤسسة العين للرعاية الاجتماعية هو إن المال الموضوع فيها يعد “صدقة مقبوضة” أي واصلًا إلى يد اليتيم الفقير القاصر، وذلك بإذن الحاكم الشرعي المتمثل بالمرجع الديني الأعلى آية الله العظمى السيد علي الحسيني السيستاني (دام ظله الوارف) بحكم ولايته العامة على اليتامى. بناء عليه، لا يجوز شرعًا التصرف بأموال صناديق الصدقات أو فتحها مطلقًا لأن ذلك يعد غصبًا لأموال اليتامى.
توزع صناديق الصدقات في مكاتب المؤسسة أو من خلال مندوبيها داخل العراق وخارجه. ويحمل كل صندوق رمزًا خاصًا به، ويثبت لدى المؤسسة اسم صاحب الصندوق وعنوانه وهاتفه لغرض متابعة الصناديق في ما بعد.
عند امتلاء الصندوق أو مضي أربعة أشهر على تسلمه يُسَلَّم الى أي مكتب من مكاتب المؤسسة أو مندوبيها بوصل استلام يثبت فيه رمز الصندوق واسم المتبرع وهاتفه وعنوانه.
تفتح لجنة ثلاثية الصناديق حسب أولوية التسلم وتوثق عملية فتح الصندوق بتصوير فيديوي.
وتفرز الأموال المحلية حسب الفئات، وتعزل العملات الأجنبية لغرض تصريفها. أما المواد العينية الموضوعة في الصندوق كالحلي الذهبية مثلاً، فتستفسر المؤسسة عنها من المتبرع، فإذا كانت صدقةً يجري تثمينها، وإن كانت قد وُضِعَت بالخطأ فتعاد إلى المتبرع.
أما إذا وضع في الصندوق أموال تبرعات أخرى غير الصدقة لتعذر الوصول إلى مكاتب المؤسسة ومندوبيها فيُحَرَّر وصل خاص بها ويُسَلَّم إلى المتبرع. كما تقوم المؤسسة من خلال لجنة فتح الصناديق بإعداد كشف بالعملات التالفة الموجودة في الصندوق. وفي حال وضع المتبرع أموال لا تستلمها المؤسسة فتعاد إليه.
يجري إدخال جميع هذه البيانات إلكترونيًا ومن ثم تدقيقها، ويُحرَّر بالمبلغ وصل نهائي يسلم إلى المتبرع. ويجري تحرير قيود محاسبية لإدخال هذه الأموال ضمن النظام المالي والرقابي الموحد لدى المؤسسة.
تصرف هذه الأموال كاملة على تلبية احتياجات اليتامى ولا يستقطع منها أي نسبة للأجور الإدارية، وتُعَدُّ تنزيلًا من الدخل الضريبي للمتبرع عند تحاسبه.