التوجيه الفكري والعقائدي لليتيم
وهو من الوسائل المهمة التي تضمن عدم انجراف اليتيم مع التيارات المنحرفة والمتلاطمة، وعدم ضياعه مستقبلاً.
تسعى مؤسسة العين للرعاية الاجتماعية إلى أن تصنع من أبنائها قادة ونخبًا للمستقبل، وذلك من خلال مركز حكايتي الذي هو مشروع تأهيلي ترفيهي ثقافي يُراد به حصول اليتيمِ على فرصةٍ عادلةٍ في المستقبلِ مكافئةٍ لما يحصلُ عليه أقرانه.
يقع المشروع في النجفِ الأشرفِ، ويتألفُ من ثمانيةِ طوابق معدة لاستضافة مجاميعَ مختارةٍ من الأيتامِ لعدةِ أيام.
يعاني كثير من الأيتام حالات نفسية صعبة ومعقدة ناتجة عن الأزمة التي مروا بها من فقدان الأب أو الأم، وما رافقها من ظروف مأساوية وحرمان من فرص اللعب والترفيه والتثقيف، ناهيكم عن افتقادهم الدور الكبير للأب في الحوار واللعب المشترك والرعاية والاهتمام، وتعرضهم لحالات من المخاطر الاجتماعية والأمنية والنفسية التي لا يستطيعون مواجهتها، وعدم تمتعهم بفرصة الاستعانة بالآخرين لمساعدتهم على تخطيها. فحالات الحزن والشعور بالظلم، ومن ثم الإحباط والشعور بالعزلة والحاجة وعدم وجود سند بديل… أنواع من المشاعر التي تحوم حول عقل اليتيم وقلبه، كلٌّ حسب ظرفه وعمره وبيئته. وقد تؤدي هذه المشاعر إلى شرخ في نفسيته، كما هو واضح وملاحظ. ففي حال عدم الوقوف على حالة اليتيم هذه ومعاملتها بدقة وتأنّ وبشكل علمي، فإن الشروخ النفسية مرشحة للتحول إلى حالة دائمة في النفس. وتؤكد الدراسات العالمية في هذا المجال أن المشاكل من هذا النوع قابلة للتعافي والشفاء عند توفير الظروف والإجراءات الإصلاحية والعلاجية. لذا، نحن أمام فرصة (ومسؤولية في الوقت نفسه) لنتوقف ونرى ما يفعله المسح على قلوب هؤلاء الأطفال الأيتام قبل رؤوسهم، ولتعويضهم بما يمكن من خلال إجراءات مستندة إلى أسس علم النفس الحديث والتربية والتجارب السابقة لإصلاح ما أوشك أن ينكسر في نفس اليتيم، ومن ثم بناء شخصيته وتوجهاته الفكرية والعقائدية وإمكاناته المستقبلية ليكون جزءًا من المجتمع. فيمكن بذلك أن نعيد الثقة إلى اليتيم، وأن نساعده على اختبار قدراته الدراسية والفكرية لتوجيهه مستقبلا، وليصبح أكثر قوة وصموداً أمام مطبات الحياة.
أما الأساليب المستخدمة لتحقيق هذا الهدف فهي الاعتماد على الطرق التي تطرح حديثًا أساليبَ ناجعة غير مباشرة في العلاج وبناء الذات وتنمية القدرات، مثل العلاج باللعب، والعلاج بالفن، واستخدام الرسم اليدوي، ومشاهدة الفيلم المنتقى، وقراءة القصة الملونة الهادفة، واللعب الجماعي، وتحدي الصعاب المؤقتة. وتلك الأساليب قائمة على دراسات أجراها متخصصون في هذا المجال.
يسعى مشروع (حكايتي) إلى استضافة مجاميع مختارة من الأيتام لأيام محدودة مخطط لها، ليقيم لهم فعاليات تأهيلية وتربوية من خلال وسائل ترفيهية، يحقق من خلالها الأهداف الرئيسة الآتية:
لكل طفل محتضن قدرات ومواهب مخبوئة على المستوى العلمي والاجتماعي وطاقات كامنة، نهدف الى مساعدته في إكتشافها و رسم مستقبله الدراسي والمهني.
نغرس في اليتيم ما يشجعه على اللجوء إلى المشرفين إذا تعرض إلى أزمة مستقبلية، كالحاجة إلى ترك المدرسة أو التعرض إلى العنف أو محاولة اعتداء أو ما شابه، بحيث يمكن لمؤسسة العين، من خلال مركز حكايتي، أن تقدم له المساعدة والنصيحة والحماية الضرورية في الوقت المناسب، ويكون ذلك بالتواصل الدوري الدائم معه.
مساعدة الطفل المحتضن في اكتشاف ذاته وبنائها بعد إزالة كل عائق قد يكون علق بالطفل اليتيم بسبب الأزمة التي مر بها، وتحويله إلى إنسان متوازن يشعر بالأمان والثقة بالنفس وبالآخرين.
وهو من الوسائل المهمة التي تضمن عدم انجراف اليتيم مع التيارات المنحرفة والمتلاطمة، وعدم ضياعه مستقبلاً.
وهو من الوسائل الرئيسة التي تستخدمها المؤسسة من خلال هذا المركز، فهو يعيد الثقة إلى اليتيم بالعالم والمجتمع، ويجعله أقوى في مواجهة الصعاب، ويشجعه على التواصل المستقبلي مع المركز عند تعرضه لأي طارئ.
قد تشكل حالة كتمان الحزن، وكتمان مشاعر الصدمة النفسية الناتجة عن فقدان الأب بشكل عنيف، وكتمان الحاجات المختلفة لليتيم، عبئًا ضاغطاً يؤدي إلى شروخ لا تمحى في نفس اليتيم.
يفتقد الأيتام بعد فقدان ولي الأمر عادة التوجيه الصحيح الذي يقدمه وجود الأب في الحياة، ويفتقدون من يحل مشاكلهم الطارئة ويجيب على تساؤلاتهم.
حين لا يجد اليتيم من يشكو إليه حزنه أو يطلعه على مشاعره، يعلمه المتخصصون في المركز الوسائل التي يمكن أن يستخدمها لتفريغ حزنه والتعبير عن مشاعره، كأن يلجأ إلى الرسم ليستعيد الهدوء والسكينة، أو أن يكتب خواطره.
تُعد استضافة اليتيم بضعة أيام في هذا المركز فرصة ذهبية لاستخدام هذه الوسيلة، بعد الاطلاع على إمكاناته وتوجهاته ورغباته وظروفه.
تعيد هذه الأيام ثقته بالحياة، وتمنحه الفرصة لاستعادة طفولته وبراءته، وممارسة اللعب الممتع، وكسب أصدقاء مقربين، وتعلم بعض القواعد والآداب السلوكية والحياتية.