لم تزل الرعاية النفسية العنصر الرئيس في إنجاح الهدف الذي تصبو إليه المؤسسة ألا وهو إنشاء جيلٍ واعٍ قادرٍ على تحمل مسؤوليته تجاه محيطه الأسري والمجتمعي. وقد بذلت المؤسسة على هذا الأساس جهوداً حثيثةً للحفاظ على سلامة الطفل النفسية، ذلك لأنها الركيزة التي يقوم عليها صلاح الإنسان، آخذةً بنظر الاعتبار أن ما يتعرض إليه الطفل في صغره -لا ريب- سينعكس على شخصيته وسلوكه في كبره، فإما أن يكون عنصراً إيجابياً يعود بالنفع على مجتمعه، أو عنصراً سلبياً يعود بالضرر عليه. وقد تمخض عن هذه الجهود إنشاء قسمٍ للرعاية النفسية يضم متخصصين في هذا الجانب لا سيما بعد أن سجلت المؤسسة حالة انتحارٍ لفتاةٍ في عمر الزهور كانت قد رأت مقتل والدها أمام عينيها، الأمر الذي ترك جرحاً عميقاً في قلبها وضرراً جسيماً في سلامتها النفسية.
ولما كان التوسع قد شمل مفاصل المؤسسة بأجمعها، وضعت المؤسسة خططاً لإنشاء مركزٍ يُعنى بمراقبة السلوك النفسي لليتيم، وعلاج الحالات التي تتطلب تدخل المتخصصين في الجانب النفسي. وقد جرى تنفيذ هذه الخطط بعد الشروع في بناء مشروع الأنجم الزاهرة في الكاظمية المقدسة الذي ضم مركز التأهيل والإرشاد، ومركز الرعاية الصحية، ومركز التدريب المهني. وحرصت المؤسسة على أن يكون المعنيون بتقديم العلاج والإرشاد النفسي مدربين على أحدث الأساليب العلاجية في العالم وفق مناهج علمية تُعنى بكيفية التعامل مع الأطفال لا سيما الذين لحق بهم ضررٌ نفسي في حياتهم نتيجة ما شهدوه من مآسٍ يرق لهولها الحجر. لذا، أدخلت العين الفريق المعني دورات تدريبية عالية المستوى قدمها لهم متخصصون من لندن لضمان التوصل إلى علاجٍ يرفع عن الطفل ما تركته مخلفات الإرهاب في نفسه من دون الحاجة إلى استخدام العقاقير الطبية، بل باتباع أساليب إرشادية وتأهيلية مثل (العلاج السلوكي المعرفي) ومساعدة الطفل على التماثل للشفاء من خلال التحفيز والتشجيع وتقديم الهدايا له.
لقد جرى إنشاء قاعتين كبيرتين في مشروع الأنجم الزاهرة واحدة للذكور وأخرى للإناث، تحتويان ألعاباً مستوردةً من هولندا، نصبها فريق هندسي متخصص من بولندا. ويطلب المتخصصون النفسيون من الأوصياء اصطحاب اليتامى معهم عند تسلم المساعدات الشهرية، ويُترَك اليتامى في هاتين القاعتين لمراقبة تفاعلهم مع هذه الألعاب، وهنا يبدأ عمل المركز بالبحث عن الحالات وتشخيصها. إذ يشخص باحثون نفسيون متخصصون الحالات عند لعب الأطفال في قاعة الألعاب وذلك من خلال ملاحظة تصرفاتهم الغريبة من قبيل العدوانية أو الانطوائية أو الخوف من المرتفعات أو الأماكن المغلقة. وقد تحال بعض الحالات من قسم الرعاية الصحية أو الباحث النفسي في قاعة توزيع المعونات المالية، أو تحال بناءً على ملاحظات المتابعة الميدانية عند زيارتها العوائل.
وتجري بعد ذلك مرحلة التحليل والدراسة بناءً على ما رأوه وسجلوه من ملاحظات على سلوك الطفل، وإحالة الحالات التي تتطلب تدخلاً إلى العلاج النفسي ليبدأ بعد ذلك البرنامج العلاجي بجلسة أولية تملأ فيها استمارة ذات مقاييس معتمدة عالمياً هي استمارة (PH9) واستمارة القلق والاكتئاب للبالغين واستمارة الصحة النفسية للأطفال والمراهقين.
وبعدها تحال إلى أحد البرامج العلاجية المعتمدة في المركز، وهي:
للحالات المتوسطة والبسيطة، يجريه باحث نفسي مدرب على هذا النوع من البرامج.
للحالات الشديدة، ويحدده طبيب نفسي.
(الفردي والجماعي) للمشاكل الاجتماعية كبعض السلوكيات غير المنتظمة ومعاملة الأم والأقارب وحالات التنمر.
تجري الجلسات العلاجية في غرف مخصصة لذلك وفق المعايير المعتمدة، وتوثق إجراءات العلاج كافة.
يعزز البرنامج العلاجي بهدايا تشجيعية يختارها اليتيم بنفسه، تعطى له عند حضوره الجلسات والتزامه بالبرنامج المعد له. وعند مواجهة حالات شديدة يُستعان بأطباء نفسيين متعاونين من خلال مكتب المؤسسة في المملكة المتحدة. وينسق المركز مع معاهد الرعاية الخاصة لاحتضان اليتامى الذين يعانون من عوقٍ أو صعوبات في النطق أو غير ذلك، وترسل متابعة ميدانية من مؤسستنا إلى منزل اليتيم أو المعهد المسجل فيه للاطلاع ميدانياً على وضعه. وقد يحتاج بعض الحالات إلى خدمات أخرى تقدمها مؤسستنا من خلال أقسامها الأخرى مثل التدريب المهني ليحقق اليتيم ذاته، أو بعض المواد العينية أو بناء منزله أو ترميمه.
يعد بعض العلاج المعرفي السلوكي نمطاً حديثاً من أنماط العلاج النفسي، وهو غير موجود في العراق، وقد استعانت مؤسستنا بمتخصصين من خارج العراق، وهم أطباء وباحثون ومعالجون نفسيون، من خلال مكتبها في بريطانيا لتدريب العاملين في مجال التأهيل والإرشاد.
مثل تزويج القاصرات، أو الحرمان من التعليم والرعاية الصحية، والتعنيف، والاعتداءات الأخرى التي يتعرض لها الأيتام. وتسعى لمعالجتها بشتى الوسائل التي تتوافر لديها.
يعمل المركز أيضًا على رعاية اليتامى الذي يتمتعون بمواهب فنية كالرسم أو فن طي الورق (الأوريجامي) والمواهب الرياضية في المجالات المختلفة.
يقيم مركز التأهيل والإرشاد عدداً من النشاطات المختلفة، تتضمن السفرات الدينية إلى المراقد والعتبات المقدسة، والثقافية إلى المتاحف والجامعات، والترفيهية إلى مدن الألعاب والحدائق العامة، وإقامة الاحتفالات كأعياد الميلاد لليتامى، واحتفالات بلوغ سن التكليف الشرعي، وتكريم المتفوقين، وإحياء المناسبات الدينية.
يقيم المركز كذلك البرامج الدينية لإذكاء الوعي الديني بين الأرامل واليتيمات البالغات والمتدربين في مركز التدريب المهني، والمسجلين في برامج الإرشاد النفسي من خلال جلسات علاجية جماعية وجلسات علاجية تنموية جماعية.